هل يستطيع رواد الأعمال الاجتماعيين المساهمة في حل أزمات مصيرية تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟
تلعب ريادة الأعمال الاجتماعية دوراً هاماً في خلق منتجات جديدة مُبتكرة ذات طبيعة تخدم المجتمع وتساهم في حل العديد من قضاياه وأزماته، مثل توليد سلع قادرة على تسهيل حياة المواطنين أو مواجهة أزمات البيئة المحيطة مثل تغير المناخ، ندرة المياه، البطالة، والتوعية بمخاطر تلوث البيئة، وغيرها من الأمور الهادفة لحماية الموارد الطبيعية للكوكب الذي نعيش فيه، ويستطيع ذلك النوع من ريادة الأعمال أن يؤثر بشكل مباشر على مواجهة العديد من المعضلات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا إنه في ذات الوقت يواجه ذلك القطاع بعض المعوقات التي تحد من انتشاره بشكل مؤثر، وتجعل رواد الأعمال الاجتماعيين غير قادرين على التأثير الإيجابي الملحوظ في أزمات المنطقة خاصة المرتبط بابتكار حلول بيئية واستغلال الموارد الطبيعية.
وفي ذات النطاق توضح منظمة HEC Paris، أنه عندما يفشل القطاع الخاص في تلبية الاحتياجات الاجتماعية، ويكون هناك نقص في الإطار المؤسسي، فإن البيئات ذات أعلى مستوى من التطور المؤسسي والرفاهية الاقتصادية تُظهر أعلى النسب بين الأنشطة المتعلقة بالبيئة خاصة خلال “مرحلة تشغيل ما بعد بدء التشغيل” ومرحلة “بدء التشغيل”، مما يشير إلى أن أنشطة البيئة الخاصة تعتمد على آليات الدعم المؤسسي لتعزيزها.
تقول “سارة لدوي”، مؤسس شركةRais’Eau الناشئة بالمغرب، التي تعمل على على إنشاء وتطوير حلول تكنولوجية بسيطة محلية لمواجهة أزمة ندرة المياه:”المشاكل الاجتماعية الحالية طويلة الأمد، مثل تغير المناخ، ندرة المياه، الفقر، والبطالة، تتطلب حلولًا مستدامة وفعالة لتحقيق التغيير المجتمعي المطلوب. يُمكن لريادة الأعمال الاجتماعية أن تلعب دورًا حاسمًا في مواجهة هذه المشاكل، من خلال تقديم حلول مستدامة ومُبتكرة وفعالة تستند إلى المبادئ التجارية للحد من التلوث وتحسين استخدام الموارد وتشجيع الابتكار وخلق فرص العمل”.
ريادة الأعمال الاجتماعية لها دوراً هاماً في خلق حلول للمشاكل المجتمعية المختلفة، هذا ما تؤكده “فرح كامل”، الشريك في مؤسسة Dayma، بمصر، والتي تعمل في مجال التوعية بالأنشطة البيئية والموارد الطبيعية، حيث توضح أن لرواد الأعمال الاجتماعيين مقدرة على العمل بشكل أكثر سرعة من القطاع العام والشركات الكبرى، من أجل خدمة المجتمعات واحتياجات البيئة، والتوعية والتعليم البيئي، والتنوع البيولوجي وما يخص تلك الأمور، ومحاكاة الطبيعة لحل التحديات التي نتعرض لها على الأرض، مع التأقلم مع الطبيعة واستغلال الموارد بطريقة مستدامة، وحل المشاكل الناتجة عن ظاهرة تغير المناخ.
دعا المعهد لتوفير نظام بيئي إيجابي لرواد الأعمال في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتهيئة أفضل ممارسات ريادة الأعمال التي يمكن أن تساعد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المنطقة، التي تحتاج لأدوات متخصصة للنساء والشباب لتعزيز شمولهم المالي، وكسر الحواجز التنظيمية، والوصول إلى التمويل الأصغر، واكتساب مهارات قيمة، وهو ما قد يُمكن رواد الأعمال الاجتماعيين من إنقاذ المنطقة من بعض أزماتها.
تتفق فرح” مع ما ضرورة تحفيز التفكير الإبداعي، موضحة أن التوجه العام في المنطقة بمختلف مستوياته يتجه للمشاريع القائمة على التكنولوجيا أما المشاريع الاجتماعية ليست ضمن قائمة الأولويات بالشكل المناسب، ولذلك نحتاج للابداع والابتكار ي ربط المشاريع الاجتماعية مع التقنية لتوجيهها لخدمة المجتمع ومواجهة أزماته البيئية المختلفة.
يؤكد تقرير “ستانفورد” أنه بصرف النظر عما إذا كانوا يصورون رائد الأعمال على أنه مبتكر خارق أو مستغل مبكر، فإن المنظرين يربطون عالميًا ريادة الأعمال بالفرصة، حيث يُعتقد أن رواد الأعمال يتمتعون بقدرة استثنائية على رؤية الفرص الجديدة واغتنامها، وتحقيق الالتزام والدافع المطلوبين لمتابعتها، والاستعداد الثابت لتحمل المخاطر الكامنة، حيث يفكر رائد الأعمال بشكل خلاق ويطورون حلاً جديداً يتعارض بشكل كبير مع الحل الحالي. لا يحاول رائد الأعمال تحسين النظام الحالي بإجراء تعديلات طفيفة، ولكنهم بدلاً من ذلك يجدون طريقة جديدة تمامًا للتعامل مع المشكلة، حيث يُظهر رواد الأعمال شجاعتهم طوال عملية الابتكار، ويتحملون عبء المخاطرة ويحدقون في الفشل بشكل مباشر إن لم يكن في مواجهته بشكل متكرر، لذلك غالباً ما يتطلب هذا من رواد الأعمال تحمل مخاطر كبيرة والقيام بأشياء مُبتكرة يعتقد الآخرون أنها غير حكيمة.
يوصي التقرير رواد الأعمال بأن يمتلكوا الجرأة والعزيمة لدفع حلولهم الإبداعية حتى تؤتي ثمارها وتظهر في السوق، فلا ينطلق أي مشروع ريادي بدون انتكاسات أو منعطفات غير متوقعة، ويحتاج رواد الأعمال إلى أن يكونون قادراً على إيجاد طرق إبداعية للتغلب على الحواجز والتحديات التي قد تظهر في طريقه.