هل تنقذ الصين الاقتصاد العالمي من براثن الركود؟
حالة التفاؤل هذه قابلها خبراء اقتصاد التقى بهم موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بتفاؤل حذر، مستندين في ذلك إلى أن قرار عودة فتح البلاد جاء سريعاً وغير مدروس، وخصوصاً مع الارتفاع الكبير في عدد إصابات (كوفيد -19) والتخوف من حدوث إغلاقات جديدة نتيجة تفاقم حالات كورونا، فضلاً عن المشكلات التي تواجهها الصين في القطاع العقاري والتي قد تؤخر نمو الاقتصاد الصيني في العام الجاري
وأفقدت سياسة “صفر كوفيد” التي اتبعتها الصين بهدف التصدي للسلالات الجديدة من فيروس كورونا، موثوقية ثاني أكبر اقتصاد في العالم لدى شركائه التجاريين نتيجة تعطل سلاسل التوريد، فضلاً عن حالة التباطؤ النقص الحاد في الطلب التي شهدها الاقتصاد الصيني إلى جانب تراجع الصادرات وأسعار المساكن والعقارات.
الخبير الاقتصادي علي حمودي يقول في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “من الواضح أن انفتاح الصين اقتصادياً غير مدروس بدقة حيث تشهد البلاد ارتفاعاً كبيراً في عدد إصابات (كوفيد -19)، في حين لوكان الوضع الصحي مستقراً من دون أن تشهد المدن الصينية موجة من انتشار الفيروس، لكان العالم أكثر تفاؤلاً بأن يؤدي نمو الاقتصاد الصيني لإنقاذ العالم من براثن الركود“.
ويؤكد حمودي بأن “ارتفاع حالات الإصابات بالفيروس ومن ثم زيادة الوفيات والضغط على القطاع الصحي في الصين سيضفي بعض السلبية على تطلعات النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم خلال عام 2023 وتحدياً في الربع الأول.
الصين في 2023 ليست هي ذاتها في 2008
ويضيف حمودي: “إذا كان الوضع الصحي طبيعياً يمكن أن نتفاءل قليلاً بأن تحقق الصين نمواً اقتصادياً، لكن السؤال المهم .. هل يعد هذا كافياً لإنقاذ العالم من الركود الاقتصادي؟”.
ويجيب حمودي بنفسه على هذا التساؤل قائلاً: “نحن لسنا في العام 2008 عندما مرت اقتصادات العالم بما يعرف بالأزمة المالية العالمية، حيث قادت الصين وقتها نمو الاقتصاد العالمي وأخرجته من الركود ولكن هذه المرة ستكون مختلفة، فإذا كانت التطلعات بأن الاقتصاد الصيني سيتعافى وينمو فإن الصين سوف تستورد المزيد من الطاقة ما سيؤدي إلى رفع أسعارها ويزيد الضغط على الاقتصادات الاتحاد الأوربي وبريطانيا وحتى على المستهلكين الأميركيين في أميركا لأن ارتفاع أسعار الغازولين قد يحد من تطلعات إنفاق المستهلكين في أكبر اقتصاد بالعالم”.
من الواضح أن الأمور غير مستقرة في الصين صحياً وأيضاً لا أحد يعرف فيما إذا كان هذا الانفتاح سوف يأتي أكله ناهيك عن أن الصين لديها مشكلة لتحفيز الإنفاق إلى جانب مشاكل القطاع العقاري التي قد تؤخر نمو الاقتصاد الصيني في العام 2023، وفقاً للخبير الاقتصادي حمودي، الذي لفت إلى وجود عوامل أخرى تجعل الصورة غير واضحة ومنها العامل الجيوسياسي والمتمثل بالحرب الروسية الأوكرانية إذ أحد يعلم إلى أين سيتجه مسار الحرب.
بدوره أشار الخبير الاقتصادي وضاح الطه في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى التوقعات السلبية من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للاقتصاد العالمي والتي أدت إلى إعادة تقدير النمو الاقتصادي العالمي بتخفيضه إلى مستوى 2.7 بالمئة بسبب المخاوف الاقتصادية والتي تأتي بالدرجة الأولى من إغلاقات الصين نتيجة تفاقم حالات كورونا والمتحورات الجديدة.
لكن الطه أوضح أن الصين لن تلجأ إلى الإغلاق الكامل على الرغم من تخليها عن سياسة (صفر كوفيد) وهذا ربما يعطي مؤشراً إلى حد ما بأنها ستمضي في معالجة الواقع الصحي بشكل متوازن لأنها مضطرة للانفتاح الاقتصادي.
وفي ظل الظروف الحالية يبدو أن هناك حالة من الاستقرار في مستوى استهلاك الطاقة في الصين، حتى أنها ربما تلجأ إلى رفع مستوى استيرادها من الغاز والنفط الروسيين لأنها تحصل عليهما بخصم ما يعطي انطباعاً على تماسك أسعار النفط الخام بل ربما يقود ذلك إلى ارتفاع الأسعار، وهذه المؤشرات الأولية تعطي الأمل حتى للدول النامية بتحقيق نمو اقتصادي أفضل مما كان متوقعاً.
ويشرح الخبير الاقتصادي الطه كيف تقود الحرب الروسية الأوكرانية إلى الركود التضخمي قائلاً: “ربما هناك اقتناع تدريجي من الجانب الأوروبي للجلوس على طاولة المفاوضات مع روسيا للحصول على الغاز الروسي، لأنه لم ولن تتمكن أوروبا من تلبية كافة احتياجاتها من الغاز والطاقة دون روسيا، وإن تمكنت فإن ذلك سيكون ذلك مكلفاً للغاية ويقود إلى حالة تضخم وركود في الوقت ذاته، وهي حالة مستعصية تسمى بالركود التضخمي، وستتسبب بالضرر للاقتصاد الأوروبي في حال استمرار أوروبا بسياستها الحالية”.