اسواق مالية

كيف ترى بنوك وول ستريت أسواق الأسهم والسندات في 2023؟

رجّحت بنوك الاستثمار العالمية معاناة أسواق الأسهم والسندات في النصف الأول من العام الجديد، في ظل احتمالات الركود الناجمة عن السياسة النقدية المتشددة للبنوك المركزية حول العالم للسيطرة على معدلات التضخم، فيما سيكون النصف الثاني من العام بمثابة الانطلاقة الجديدة للأسواق بدعم من توقعات التوقف عن التشديد النقدي.

أشارت تقارير رؤية الأسواق في عام 2023 الصادرة عن أبرز بنوك وول ستريت الاستثمارية إلى أن استراتيجية الاستثمار في أسواق الأسهم ستتوجه بصورة كبيرة نحو أسهم القيمة ذات رأس المال الكبير والتي تحافظ على توزيعات أرباح منتظمة، فيما ستتبدل الاستراتيجية نحو أسهم النمو التي لديها فرص للاستفادة من مراحل ما بعد الركود الاقتصادي.

وفي ظل حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي حالياً واحتمالات الضغوط المتزايدة على معدلات النمو ترى بنوك الاستثمار أن أسواق السندات وأدوات الدخل الثابت ستكون ذات ثقل نسبي في المحافظ الاستثمارية على الأقل خلال النصف الأول من العام الجاري، وخاصة السندات السيادية الدولارية بالاقتصادت الكبرى، وليس الاقتصادات الناشئة التي ستعاني بصورة كبيرة مع احتمالات الركود العالمي المتوقعة.

تركز تقارير بنوك وول ستريت على الصين كمحور لتوجهات النمو خلال العام الجاري، حيث إن تفشي كوفيد القوي حالياً بعد التخلي الفوضوي عن سياسة صفر كوفيد يحمل تبعات غير محددة فربما يزداد الأمر سوءاً مع زيادة حالات الإصابات والوفيات، وقد يحدث العكس بالسيطرة على العدوى واستمرار الانفتاح الاقتصادي، وهو ما يغذي حالة عدم اليقين بشأن اقتصاد الصين.

رصدنا السيناريوهات التي وضعتها البنوك ومؤسسات الاستثمار العالمية الكبرى حول آفاق الاستثمار في أسواق المال، من خلال تقارير آفاق أصدرتها تباعاً مع حلول العام الجديد، بالإضافة إلى ملخصات “بلومبرغ” لرؤية عمالقة “وول ستريت” حول الجوانب الاقتصادية والاستثمارية المختلفة لعام 2023.

فيدليتي:

يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي عازم على كبح التضخم برفع أسعار الفائدة بما يتجاوز المستويات المحايدة. ولا نتوقع تغيير الفيدرالي لاتجاهه قبل أن يحدث تراجع ملحوظ في البيانات الأساسية، خاصة التضخم وسوق العمل. لا نتوقع أن يغيّر البنك المركزي الأميركي سياسته قريباً. لكن إن فعل؛ فقد يعزز ذلك (أسعار) الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم، وكذلك السندات الحكومية.

سيأتي الوقت لإعادة التوصية مجدداً بشراء الأسهم لاحقاً. لكن حالياً، لا تنعكس الظروف الصعبة على توقعات الأرباح أو التقييمات، ما يعني أنه قد يكون هناك مزيد من هبوط الأسهم مستقبلاً. وتتوقع المؤسسة أن يظل معدل التقلب -التأرجح بين الصعود والهبوط- مرتفعاً، والمعنويات منخفضة بما يكفي لترجيح تفادي الاستثمارات عالية المخاطر، خاصة إذا كانت قصيرة الأجل.

تعتقد “فيدليتي” أن المراكز الدفاعية ستظل مهمة للمستثمرين في بداية 2023، وستشكل السيولة النقدية والأصول غير المرتبطة (الغير حساسة للمؤثرات الاقتصادية) مكوناً رئيسياً لمحافظ الأصول المتعددة (المحافظ المختلطة) حتى تتراجع التقلبات. ويحتمل أن تدخل السندات الحكومية في تشكيل المحافظ الاستثمارية، خاصة في الوقت الحالي بعدما أصبحت العوائد أكثر جاذبية.

بنك أوف أميركا:

تزداد احتمالات الركود في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة، لكن يُحتمل أن توفر السندات فرصاً استثمارية جيدة خلال النصف الأول من العام الجاري، تليها الأسهم في النصف الثاني.

الأداء الإيجابي للسندات في النصف الأول من 2023 قد يُمهد الطريق لصعود الأسهم في وقت لاحق من العام. يمكن أن تنتعش السندات خلال النصف الأول من 2023 والأسهم خلال النصف الثاني، وذلك في ظل الترجيحات بتخفيف التأثير السلبي الناجم عن صدمات التضخم وأسعار الفائدة.

قد يؤتي ذلك ثماره بالنسبة للمحافظ الاستثمارية المختلطة (ذات الاستثمارات المتنوعة) بعدما مرت بأسوأ عام لها منذ قرن. ويُتوقع أن تُدر عوائد إيجابية خلال 2023.

يُرجح أيضاً أن تصب الظروف الاقتصادية، والمشهد الجيوسياسي، وتغير مسار الدولار في صالح أسهم الشركات الصغيرة والأسواق الناشئة. وذلك بانتظار أن يشهد العام الجاري تبايناً في الأداء بين النصفين الأول والثاني. ومع توقعات الركود في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة جميعاً خلال 2023، فقد يصاب باقي العالم بهشاشة اقتصادية متزايدة، باستثناء ملحوظ في الصين. يُرجّح أيضاً تعرض أرباح الشركات والنمو الاقتصادي لضغوط في النصف الأول من 2023، بسبب تلك التوقعات.

يرى البنك أن شهية الأسواق “ستنفتح على المخاطرة” بحلول منتصف العام الجاري، مع وصول كل من التضخم، والدولار الأميركي، والتشديد النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي للذروة في النصف الأول من 2023. ويُتوقع أن تدعم الأسواق الاستثمارات ذات المخاطر الأعلى في وقت لاحق من العام الجاري.

وعادة ما يصل مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” إلى أدنى مستوياته له قبل 6 أشهر من نهاية الركود، ونتيجة لذلك، تبدو السندات أكثر جاذبية في النصف الأول من 2023، فيما يفترض أن تكون الظروف الاقتصادية أكثر موائمة للأسهم في النصف الثاني من العام. ونتوقع أن ينهي “ستاندرد آند بورز” العام الجاري عند مستوى 4000 نقطة.

جيه بي مورغان:

تصورنا الأساسي للعوائد الإيجابية في أسهم الأسواق المتقدمة لعام 2023 يعتمد على رؤية تعتمد بشكل كبير على توقعات بحدوث ركود معتدل بالفعل. وفق تلك الرؤية، فقد حدث بنهاية سبتمبر 2022 أن انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 25% من أعلى مستوى له. وتاريخياً، بعد هذا المستوى من التراجع، كانت سوق الأسهم تميل لأن تكون أعلى بعدها بعام. (هناك استثناءان منذ عام 1950: الأزمة المالية العالمية عام 2008 وانفجار فقاعة الإنترنت عام 2000).

لم تكن تقييمات “ستاندرد آند بورز 500” في بداية 2022 تبعد كثيراً عن تلك التي واكبت فقاعة الإنترنت. لكن يمكن للتقييمات العالية أن تُنسَب بشكل كبير إلى أسهم النمو. رغم أدائها الضعيف في 2022، ما تزال هذه الأسهم غير رخيصة على وجه الخصوص، بالمعايير التاريخية.

لكن أسعار أسهم القيمة معقول للغاية الآن، مقارنةً بأسعارها تاريخياً. ولدينا قناعة أقوى أن أسهم القيمة ستكون أعلى بنهاية 2023، أكبر من قناعتنا لأسهم النمو، التي ما تزال تبدو غالية. رغم ذلك، ربما توفر ذروة في عوائد السندات الحكومية بعض الدعم لتقييمات أسهم النمو خلال 2023.

وعن الارتباط بين الأسهم والسندات فقد رأينا أسعار السندات انخفضت جنباً إلى جنب مع أسعار الأسهم. قد يستمر ذلك إذا ظل الركود التضخمي عاملاً رئيسياً خلال 2023. وفق تصورنا الأساسي، نتوقع أن يظل الارتباط بين الأسهم والسندات إيجابياً في 2023، وأن ترتفع أسعار الفئتين معاً هذه المرة. وإذا تبدد التضخم سريعاً، يمكننا رؤية البنوك المركزية توقف دورة التشديد النقدي قبل الوقت المتوقع أو حتى تخفف سياساتها، ما يدعم أسعار كل من الأسهم والسندات.

أبولو غلوبال مانجمنت:

في ظل عدم اليقين بشأن توقعات معدل التضخم والنمو الاقتصادي، يُرجّح أن يعيد مستثمرون كثيرون النظر بقرارات توزيع الأصول، في مستهل 2023. نتوقع وجود عدد من الاحتمالات لتحويل حالة عدم اليقين إلى فرص.

يمثل ترتيب طريقة تنفيذ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المهمة المزدوجة المنوطة به (السيطرة على التضخم واستمرار معدل مثالي للتوظيف) المفتاح بالنسبة لأسواق رأس المال. يعني حدوث تراجع للتضخم أولاً، يليه وجود عجز سوق العمل مع تضاؤل الحاجة لـ”تقويض الطلب” من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. نعتقد أن هذا الأمر بدأ بالحدوث فعلاً بالولايات المتحدة الأميركية.

سيتجه العديد من المستثمرين على الأرجح – المرهقين والمتضررين في أعقاب أداء كارثي لمحافظ الأصول التي تتبع استراتيجية الاستثمار 60/40 بالأسهم والسندات الحكومية في 2022 – صوب الأسواق لهيكلة حيازاتهم خلال عام 2023. ويعد سعر الشراء أمراً مهماً ونتوقع وجود نقاط سعرية تاريخية للبيع أو الشراء في أسواق الائتمان الخاصة وفرص جذابة بأسواق الأسهم الخاصة بالنسبة لمستثمرين لديهم قدرة على توفير رأس المال في وقت الأسواق المضغوطة والمجهدة.

مع بدء 2023، يتضح أن زيادة أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي أسفرت عن تراجع النشاط الاقتصادي في 3 قنوات وهي: تباطؤ عناصر بالناتج المحلي الإجمالي حساسة لأسعار الفائدة (الإسكان والسيارات والإنفاق الرأسمالي) وتعرض قطاع التكنولوجيا لحالة اضطراب، وتصاعد الإعلانات عن قرارات تسريح العمالة وتحديات الطلب، ما يؤثر سلبياً على الشركات المصدرة في كل من قطاعي السلع والخدمات. وهو ما يجعلنا نخلص إلى أن السياسة النقدية تؤدي عملها بحسب ما هو مخطط له.

نعتقد أن المستثمرين يجب أن يكونوا حذرين وانتقائيين عند التعامل مع الاستثمارات في الأسهم والأصول الحقيقية والأسواق الأخرى عالية المخاطر، سعياً وراء أفضل الفرص النسبية داخل وعبر فئات الأصول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى