تل بسطا بوابة مصر للقوافل التجارية والمعالم الأثرية
قالت منال منير، مدير عام منطقة آثار الشرقية، إن المحافظة تضم ١٠٤ تلال أثرية خاضعة للهيئة العامة للآثار، منها ٣٨ تلًا أثريًا مِلْك منافع عامة آثار، موضحة أن التل الأثرى هو الأرض البكر التي لم يتم الحفر فيها، أما الموقع فهو مكان مفتوح للزيارة، مؤكدة أن محافظة الشرقية تزخر بثروات أثرية وإمكانات سياحية متعددة تنفرد بها دون غيرها من محافظات الوجه البحرى، فضلًا عما تنفرد به من آثار فرعونية أبهرت العالم، وحظيت بقدر كبير من الآثار اليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية، التي يتم اكتشاف العديد منها كل يوم، لافتة إلى أنه من أبرز المدن الأثرية التي تشهد على التاريخ العظيم لمحافظة الشرقية، مدينة صان الحجر «تانيس»، وتل بسطا «برباست أو بوباستس» بمعبدها الشهير باستت، واللتان كانتا عاصمتين لمصر خلال الأسرتين الحادية والعشرين، والثانية والعشرين، بالإضافة إلى مدينة بر رمسيس التي تقع بالقرب من مدينة أواريس القديمة، التي قام ببنائها رمسيس الثانى واتخذها مقرا لحكمه، في حين اتخذ الهكسوس أواريس عاصمة لهم، وهى مدينة قديمة تقع في تل الضبعة حاليا.
وأضافت «منير» أن منطقة تل بسطا «بوباستيس» كانت مركزًا دينياً هاماً وإحدى عواصم مصر القديمة، ونظراً لموقعها على مدخل مصر الشرقى فقد واجهت أفواج القادمين من الشرق عبر سيناء، وعاصرت العديد من الفاتحين والغزاة، كما شرفت المنطقة بأنهـا كانت معبراً ومقراً مؤقتاً للسيدة مريم العذراء ووليدها المسيح، عليهما السلام، عند قدومهما إلى مصر، وكانت تل بسطا إحدى عواصم مصر القديمة، واشتهرت باسم بر باستت، أو بوباستس، وتقع بقايا المدينة الأثرية لتل بسطا شرق الدلتا بمحافظة الشرقية، وكانت برباستت عاصمة الإقليم الثامن عشر لمصر السفلى في عصر الدولة الحديثة عام ١٥٥٠- ١٠٦٩ ق. م، وعاصمة البلاد خلال الأسرة الثانية والعشرين ٩٤٥_ ٧١٥ ق. م، ولا تزال تل بسطا تحتفظ بالعديد من المعالم الأثرية، أبرزها المعبد الكبير للمعبودة باستت، وتمثال الملكة مريت آمون، زوجة الملك رمسيس الثانى، بالإضافة إلى معبد ببى الأول من الأسرة السادسة، وأطلال قصر الملك أمنحات الثالث.
وأشارت إلى أن تل بسطا كان المركز الرئيسى لعبادة الإلهة القطة باستت في مصر القديمة، ويعد معبدباستت من أجمل وأكبر المعابد في ذلك الوقت، وفقا للمؤرخ اليونانى هيرودوت أثناء زيارته بوباستيس في القرن الخامس قبل الميلاد، وكان يحيط بالمعبدقناتان تصطف على جانبيهما الأشجار، ما يتيح إطلالة رائعة على المعبد، وتعود أقدم الكتل الحجرية للمعبد إلى عهد الملك خوفو، والملك خفرع من الأسرة الرابعة، كما توالت على المعبد الإضافات الفنية والمعمارية من قبل أهم ملوك مصر القديمة، وأبرزهم الملك أوسركون الأول، والملك أوسركون الثانى، والملك نختنبو الثانى.
وذكرت أن منطقة تل بسطا تمتلك تاريخا طويلا من الحفائر الأثرية التي قام بها بعثات مصرية وأجنبية، وأسفرت عن عدد من الاكتشافات الهامة، منها حفائر العالم إدوارد نافيل عام ١٨٨٧- ١٨٨٩م، التي كشفت عن موقع «باستت»، وبقايا معبدالملك بيبى الأول من الأسرة السادسة الذي تم اكتشافه من قبل عالم الآثار لبيب حبشى عام ١٩٣٩، بالإضافة إلى الكشف عن أطلال قصر من الأسرة الثانية عشرة في ستينيات القرن الماضى، وفى عام ١٩٩٧م تم الإعلان عن اكتشاف بئر من العصر الرومانى في موقع معبد باستت، وظهرت مؤشرات على وجود بئر لأول مرة عام ١٩٩١، خلال أعمال التنقيب التي قامت بها جامعة الزقازيق في المعبد، برئاسة الدكتور محمود عمر، وأعلن رسميا عن البئر الرومانية في عام ١٩٩٧،
وذاعت شهرة هذه البئر نظرا لأهميتها وقيمتها الدينية، وتحكى الروايات عن قدوم أفراد العائلة المقدسة إلى مدينة تل بسطا، وكانت الشرقية أهم نقطة في مسار العائلة المقدسة، ومكثت في مصر نحو ثلاثة أعوام، واستقرت في منطقة تل بسطا ما بين ٣ و٦ أيام، وكانت هذه أول فترة استقرار بالنسبة لهم، لذا كان يوم دخولهم تل بسطا هو عيد دخولهم أرض مصر، مؤكدة أن المنطقة لازالت تستقبل عددا من البعثات الأجنبية للعمل حتى تاريخه.
وأضافت أن متحف تل بسطا يضم آثارا تحكى جوانب من الحضارة المصرية القديمة، منها مجموعة من التماثيل لآلهة وآلهات مصر القديمة، ويضم مجموعة من الأدوات تشهد على العصور الحجرية في مصر، ومجموعة من الأوانى الفخارية بأشكال ومواد تدل على التبادل التجارى، حيث الآنية ذات التأثير السورى والأخرى ذات التأثير القبرصى، وبالنسبة للمجوهرات توجد تشكيلة كبيرة من الحلى المصنوعة من أحجار العقيق، واليشب والازورد، والذهب، فضلا عما يضمه المتحف من تشكيلة رائعة من المسارج مختلفة الأشكال والديكورات، ومجموعة رائعة من العملات من الحقبة اليونانية الرومانية.
وأضافت أن منطقتى صان الحجر وتل بسطا تُعدان ضمن المناطق الأثرية المفتوحة أمام الزائرين، على مدار أيام الأسبوع، بالإضافة إلى أيام العطلات والإجازات الرسمية، بدءًا من الساعة ٩ صباحًا حتى ٥ مساء، وسعر تذكرة الدخول ٥ جنيهات للزائر، فضلًا عن استقبال رحلات المدارس وذوى الاحتياجات الخاصة، ناهيك عن إيفاد مجموعة من العاملين بإدارة الوعى الأثرى للمدارس والجامعات للتوعية بتاريخ مصر المعاصر بهدف تنشيط السياحة الداخلية.