اقتصاد وبزنيس

هل يؤثر ترشيد الإنفاق الحكومي في مصر على توفير الدولار؟

بدأت مصر في تنفيذ عدد من القرارات لـ«ترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية»، وذلك في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية ونقص السيولة الدولارية التي تعاني منها البلاد. واتخذت الحكومة المصرية، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء (الاثنين)، عدداً من القرارات بشأن ضوابط وقواعد ترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، والتي من المقرر أن تسري حتى نهاية السنة المالية الحالية 2022-2023. وشمل أبرز الضوابط الخاصة بترشيد الإنفاق «تأجيل تنفيذ أي مشروعات جديدة لم يتم البدء في تنفيذها ولها مكون دولاري واضح، وتأجيل الصرف على أي احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى، وترشيد جميع أعمال السفر خارج البلاد إلا للضرورة القصوى بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء». وفيما يتعلق بالتعامل بالنقد الأجنبي، يلزم الحصول على موافقة وزارة المالية بالترخيص بالصرف بالمكون الأجنبي على أي أوجه الصرف وذلك بعد التنسيق مع البنك المركزي والجهات المعنية وذات الاختصاص في هذا الشأن.

وفي هذا الإطار، أكد وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، (الثلاثاء)، أن قرارات ترشيد الإنفاق «لن تؤثر على عملية التنمية والنمو»، وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن «الأيام المقبلة ستشهد صدور قرارات وإجراءات تنظيمية لتنفيذ القرار الحكومي من جانب وزارتي المالية فيما يخص الباب الثاني تحديداً بالموازنة العامة للدولة الخاص بالنفقات الجارية، وكذا ما يخص وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فيما يتعلق بالمشروعات المقرر البدء في تنفيذها وذات مكون دولاري».
وتأتي القرارات الجديدة كاستكمال لعدة مبادرات وإجراءات اتخذتها الحكومة المصرية للقضاء على أزمة شح الدولار في السوق، وجذب العملة الصعبة للبلاد.
وكشف رئيس الوزراء المصري خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) أن الدولة لديها خطة مُحكَمة تعمل عليها أجهزة الدولة، لتوفير موارد بصورة غير تقليدية من النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة، وتحديداً حتى 30 يونيو (حزيران) 2023؛ وذلك من أجل تأمين الاحتياجات من النقد الأجنبي، لتمكين الاقتصاد المصري من التحرك بقدر من المرونة.
ودفعت سياسات ترشيد الإنفاق الحكومي المراقبين إلى التساؤل بشأن مدى إمكانية أن تسهم تلك الخطوات في توفير الدولار، خصوصاً في ظل استمرار ارتفاع أسعار صرفه أمام الجنيه، والتزام مصر مع «صندوق النقد الدولي» باعتماد سعر صرف مرن.
البرلماني عمرو هندي، النائب بمجلس النواب عن المصريين بالخارج وعضو لجنة الشؤون الاقتصادية بالمجلس، يرى خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات الحكومية «تأخرت كثيراً، لكن نأمل أن تسهم في علاج الأزمة الاقتصادية ونقص السيولة الدولارية التي تعاني منها مصر».
وشرح هندي أن «المشكلة الرئيسية لا تتمثل في انخفاض قيمة الجنيه ولكن توفر الدولار، فالسوق تعاني من أن الإقبال على الدولار أكبر من المعروض، ونحن أمام مشكلة تتعلق بالعرض والطلب، وبالتالي فأي مشكلات تواجهها مصر لن تُحل إلا مع توفير الدولار».
ويلفت هندي إلى أن «قواعد ترشيد الإنفاق مستمرة حتى نهاية السنة المالية الحالية، وبالتالي فالحكومة تدخل تجربة لمدة 6 أشهر، ونتمنى أن تسهم القواعد خلال هذه المدة فعلياً في توفر الدولار، لأنه ينعكس على رفع قيمة الجنيه المصري».
ويطالب البرلماني عن المصريين بالخارج الحكومة بتعديل مشروع قانون منح بعض التيسيرات للمصريين المقيمين في الخارج لاستيراد السيارات، بطريقة مناسبة تلبّي طلبات المستهدفين بمشروع القانون»، متوقعاً أن «يسهم في توفير 6 مليارات دولار لمصر، وبالتالي توفير العملة الصعبة للبلاد».
بدورها، تثمّن الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، القرارات الحكومية لترشيد الإنفاق العام، كونها «تسهم بشكل إيجابي في التخفيف من عجز الموازنة، وتوفير عملة دولارية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية».
وتلفت الخبيرة الاقتصادية إلى أهمية «وجود خريطة للإنفاق مع ما سيتم إقراره من قرارات وإجراءات تنظيمية، بحيث تُقر الأولويات والضروريات وتستغني عن الكماليات»، مؤكدةً أن «هذا الترشيد سيوفر ما يُنفق على المنح والتدريبات والسفر للخارج وغيره، والذي تدفع من خلاله الدولة المصرية بالدولار وليس بالعملة المحلية، وكذلك ترشيد عملية الاستيراد خصوصاً من جانب القطاع العام الحكومي، وبالتالي نحن أمام حزمة قرارات وسياسات تؤكد أن إنفاق الدولار لن يكون إلا للأولويات الضرورية فقط، وهو ما سيكون له مردود على علاج نقص السيولة الدولارية في السوق».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى