اموال مصرفية

أين تتجه أسعار الغذاء العالمية في 2023؟..وسط أزمات الاقتصاد

يتجه الاقتصاد العالمي إلى الركود خلال العام المقبل،بحسب التوقعات، لكن الجدل في الأوساط الاقتصادية سرعان ما تحول إلى سؤال ما إذا كان الدخول في الركود الاقتصادي سيكون له تأثير على أسعار الغذاء عالمياً؟

ويجيب خبراء اقتصاد على هذا التساؤل بأن ارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية أدى إلى التخفيف من ضغوط ارتفاع الأسعار، مشيرين إلى أن أسعار المواد الغذائية ستتجه نحو الاستقرار في عام 2023 نتيجة تباطؤ الطلب تأثراً بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

ورفعت كبرى البنوك المركزية في عام 2022 أسعار الفائدة لمعالجة ارتفاع التضخم الذي وصل في معظم الاقتصادات العالمية ومنها الأوروبية والأميركية إلى مستويات قياسية لم يشهدها العالم منذ أكثر من 40 عاماً.

وسيتجاوز الاقتصاد العالمي 100 تريليون دولار لأول مرة في عام 2022، لكنه سيتوقف في عام 2023 مع استمرار معركة صانعي السياسات ضد ارتفاع الأسعار، بحسب مركز الاستشارات البريطاني، في حين حذر صندوق النقد الدولي، وفقاً لأحدث توقعاته، “من أن أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي سوف ينكمش وأن هناك فرصة بنسبة 25 بالمئة لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة أقل من 2 بالمئة في عام 2023، وهو ما يُعرّف بأنه ركود عالمي”.

الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الشناوي يقول في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “لقد مارس تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي تأثيره المباشر على أسعار المواد الغذائية، بالإضافة الى أن ارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية أدى إلى التخفيف من ضغوط ارتفاع الأسعار إلى حد كبير،  وليس بخاف على أحد أن هناك تباطؤاً في الطلب على السلع الغذائية تأثراً بالركود الاقتصادي، بالإضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي الناشئ عن رفع أسعار الفائدة، وقد تمثل ذلك الأثر في ضعف قدرة العديد من الدول على استيراد الغذاء رغم توافر المخزون”.

وتوقع الدكتور الشناوي أن تميل أسعار الغذاء نحو الانخفاض في عام 2023، مرجعاً ذلك إلى أربعة عوامل أولها، أن ارتفاع تكلفة الاقتراض أدى إلى الحد من أنشطة المضاربة في أسواق العقود الآجلة للسلع الغذائية ما يخلق نوعاً من الضغط على أسعار الغذاء في اتجاه الهبوط النسبي حتى نهاية عام 2023، وثانيها أن أوضاع التجارة في أسواق العقود الآجلة تشير إلى انخفاض أسعار الحبوب بنسبة تقترب من 8 بالمئة في عام 2023 مقارنة بالمستويات المرتفعة الحالية

أما العامل الثالث فيتجلى في وجود حالة من التفاؤل لدى الدول نحو زيادة الإنتاج، فضلاً عن أن انخفاض أسعار الحبوب بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة من عام 2022 يدفع باحتمال حدوث انخفاض ملموس في أسعار الغذاء السنوية طبقاً لتصنيفات وكالة (فيتش) في لندن، بينما يتمثل العامل الرابع في اتجاه العالم بقوة نحو تعزيز شبكات التجارة عن طريق الخفيف من اختناقات العرض وتعزيز الإنتاج العالمي، والاتجاه نحو استخدام مصادر الطاقة منخفضة الكربون وإدخال تدابير لتقليل استهلاك الطاقة.

ويتساءل الخبير الاقتصادي الدكتور الشناوي حول ماهية المتطلبات التي تضمن احتمالية اتجاه أسعار الغذاء إلى الانخفاض في عام 2023؟ ليجيب بنفسه على التساؤل قائلاً: “رغم أن هناك شبه إجماع على توقع انخفاض الأسعار في عام 2023 إلا أن هناك متطلبات أو شروط يجب توافرها لتحقق تلك التوقعات حتى لا تحدث أزمة غذاء، أهمها، ضرورة استمرار البنوك المركزية في استهداف التضخم دون إحداث الركود العالمي الشديد وذلك من خلال إعلان قرارات السياسة النقدية بشفافية مع الحفاظ على استقلاليتها، ما يساعد على تثبيت توقعات التضخم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العرض العالمي من السلع الغذائية مثل تخفيف قيود العمل وإعادة توزيع العمالة المشردة”.

كما تتضمن المتطلبات وفقاً للدكتور الشناوي، ضرورة سحب تدابير الدعم المالي بعناية لضمان الاتساق مع أهداف السياسة النقدية، والحفاظ على التجارة المفتوحة لضمان تدفق الغذاء من مناطق الفائض إلى مناطق الطلب في ظل (مبادرة حبوب البحر الأسود) عن طريق الإلغاء التدريجي لحظر التصدير المفروض من كبار المنتجين، وأخيراً الاستثمار في الزراعة المقاومة للمناخ مع تحسين إدارة المياه وضمان الوصول الملائم للأسمدة وتنويع المحاصيل.

بدورها، الدكتورة نيفين حسين شمت المختصة بالشؤون الاقتصادية الدولية قالت في حديثها لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “تتجه أسعار المواد الغذائية إلى الاستقرار في عام 2023 بسبب الركود الاقتصادي الذي أدى إلى تباطؤ في الطلب. هذا بالإضافة إلى ارتفاع الدولار نتيجة رفع الفوائد في الفيدرالي الأميركي، وستبدأ أسعار المواد الغذائية في الانخفاض بدءاً من الربع الثاني من عام 2023 وذلك بسبب انخفاض الطلب”.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة 65 بالمئة منذ بداية جائحة كورونا، وبنسبة 12 بالمئة هذا العام منذ بدء الأزمة الأوكرانية الروسية التي أضرت بسلاسل الإمدادات الغذائية كما أدت الى ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً وارتفاع تكاليف الأسمدة وكذلك الشحن، هذا بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمحاصيل نتيجة سوء الأحوال الجوية.

وإذا تناولنا أهم المواد الغذائية بشيء من التفصيل ومنها السكر نجد أن ارتفاع أسعار السكر يرجع إلى وجود دولتين (الهند، البرازيل) تحددان الأسعار في العالم، حيث ضاعفت الهند من محصولها من السكر في الموسم الحالي، أما بالنسبة للذرة فان القيود التي فرضتها الصين على “كوفيد-19” خففت الطلب على بعض الأصناف ومنها الذرة، ومع توقعات عدم استمرار هذه القيود، ستعود الصين إلى سوق الاستيراد ما سيعطي زخماً إضافيا لأسعار الذر، بحسب الدكتورة شمت.

وتشير المختصة بالشؤون الاقتصادية الدولية الدكتورة شمت إلى أن توقعات ارتفاع أسعار الحبوب تقلصت بالعموم بفعل اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا بخصوص السماح بالتصدير، إذ أسهم هذا الاتفاق في تصدير القمح والشعير والذرة من أوكرانيا وروسيا بشكل جيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى